خطبة الجمعة القادمة للدكتور محمد حرز : رمضان شهر الجد والعمل والانتصارات
خطبة الجمعة القادمة بعنوان : رمضان شهر الجد والعمل والانتصارات ، للدكتور محمد حرز ، بتاريخ 14 رمضان 1443هـ، الموافق 15 أبريل 2022م.
لتحميل خطبة الجمعة القادمة 15 أبريل 2022م بصيغة word بعنوان : رمضان شهر الجد والعمل والانتصارات ، للدكتور محمد حرز.
لتحميل خطبة الجمعة القادمة 15 أبريل 2022م بصيغة pdf بعنوان : رمضان شهر الجد والعمل والانتصارات ، للدكتور محمد حرز.
عناصر خطبة الجمعة القادمة 15 أبريل 2022م بعنوان : رمضان شهر الجد والعمل والانتصارات .
أولاً: رمضانُ شهرُ العطاءِ و الجدِّ والعملِ .
ثانيــــًا : رمضانُ شهرُ الانتصاراتِ والفتوحاتِ .
ثالثًا وأخيرًا: انتصاراتٌ هامةٌ في حياتِنَا في رمضانَ وغيرِهِ.
ولقراءة خطبة الجمعة القادمة 15 أبريل 2022م بعنوان : رمضان شهر الجد والعمل والانتصارات : كما يلي:
خطبةُ الجمعةِ القادمةِ: رمضانُ شهرُ الجدِّ والعملِ والانتصاراتِ د. محمد حرز بتاريخ: 14 رمضان 1443هــ – 15أبريل 2022م
الحمدُ للهِ الملكِ العلامِ، القدوسِ السلامِ، ذي الطولِ والإنعامِ، والعزةِ والإكرامِ، نحمدُهُ أنْ هدانَا للإسلامِ، وبيّنَ لنَا الحلالَ والحرامَ، وشرفَنَا بالصيامِ والقيامِ، وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وليُّ الصالحين وَأشهدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ وصفيُّهُ من خلقِهِ وخليلُهُ، القائلُ كما في حديثِ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: ((أتاكُمْ رَمَضان ،شَهْرٌ مُبارَكٌ، فَرَضَ الله عز وجل عَلَيْكُمْ صِيامَهُ، تُفْتَحُ فِيهِ أبْوابُ السماء، وتُغْلَقُ فِيهِ أبوابُ الجَحِيمِ، وتُغَلُّ فِيه مَرَدَةُ الشَّياطينِ، لله فيهِ لَيْلَةٌ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ، مَنْ حُرِمَ خَيْرَها فَقَدْ حُرِمَ (( (رَوَاهُ النَّسَائِيُّ بإسناد صحيح ) ، فاللهمَّ صلِّ وسلمْ على مسكِ الختامِ، وخيرِ مَن صلَّى وصامَ، وطافَ بالبيتِ الحرامِ، وجاهدَ الكفارَ في شهرِ الصيامِ، وعلى آلِهِ وصحبِهِ الأعلامِ، مصابيحِ الظلامِ، خيرِ هذه الأمةِ على الدوامِ، وعلى التابعينَ لهم بإحسانٍ والتزامٍ.
أمَّا بعدُ: فأوصيكُم ونفسي أيُّها الأخيارُ بتقوى العزيزِ الغفارِ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} (آل عمران :102).
أيُّها السادةُ:(( رمضانُ شهرُ الجدِّ والعملِ والانتصاراتِ )) عنوانُ وزارتِنَا وعنوانُ خطبتِنَا
أولاً: رمضانُ شهرُ العطاءِ و الجدِّ والعملِ .
ثانيــــًا : رمضانُ شهرُ الانتصاراتِ والفتوحاتِ .
ثالثًا وأخيرًا: انتصاراتٌ هامةٌ في حياتِنَا في رمضانَ وغيرِهِ.
أيُّها السادةُ : بدايةً ما أحوجَنَا في هذه الدقائقِ المعدودةِ إلى أنْ يكونَ حديثُنَا عن رمضانَ شهرُ الجدِّ والعملِ والعطاءِ والانتصاراتِ وخاصةً ورمضانُ ليس شهرَ كسلٍ ولا خمولٍ ولا نومٍ إنَّما شهرُ جدٍّ وعملٍ وعطاءٍ وسعيٍ مستمرٍ… شهرُ الخيرِ والبركاتِ .. شهرُ الفتوحاتِ والانتصاراتِ .. فما عَرَفَ التاريخُ غزوةَ بدرٍ وحطين .. ولا فتحَ مكةَ والأندلسِ .. ولا السادسَ مِن أكتوبر إلّا في رمضانَ .. وخاصةً إذا انقضتْ الأيامُ الأولَى مِن رمضانَ تكاسلَ الكثيرُ مِن الناسِ وانشغلُوا عن العبادةِ ، ولا حولَ ولا قوةَ إلّا باللهِ، ونسىَ قولَ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلم: «أحبُ الأعمالِ إلى اللهِ أدومُها وإنْ قل»(رواه مسلم). ونسىَ قولَ النبيِّ صلَّى اللهٌ عليه وسلم: « وإنَّما الأعمالُ بالخواتيمِ)رواه الدار قطني . وأنَّ دينَنَا الحنيفَ حثَّنَا وأمرنَا بالعملِ والسعيِ في الأرضِ والجدِّ في رمضانَ وغيرهِ طلبًا للرزقِ وطلبًا للحلالِ وطالبًا لعدمِ التسولِ وحذَّر مِن البَطالةِ وخطرِهَا على الفردِ والمجتمعِ.
وما نيلُ المطالــبِ بالتمنِّــــي*** ولكنْ تؤخــذُ الدنيا غلابَا وما استعصَى على قومٍ منالٌ**** إذا الإقدامُ كان لهم ركابَا
العنصر الأول من خطبة الجمعة القادمة
أولاً: رمضانُ شهرُ العطاءِ و الجدِّ والعملِ .
أيُّها السادةُ: رمضانُ شهرُ الصبرِ والمصابرةِ، والجهادِ والمجاهدةِ، والفتوحاتِ والانتصاراتِ، والجدِّ والعملِ لكنْ للأسفِ تجد الكثيرَ مِن المسلمين إذا دخلَ رمضانُ اتخذوهُ فرصةً للراحةِ والكسلِ والخمولِ والنومِ، فتجدُهُم يقضون ليلَهُم في السهرِ الذي قد يكونُ أحيانًا على ما يغضبُ اللهَ مِن النظرِ إلى فضائياتِ الشرِّ وتدميرِ الفضيلةِ، أو النظرِ إلى المقاطعِ الخبيثةِ، أو اللعبِ بتلكَ الألعابِ التي فيها القمارُ وما أشبهَ ذلك، ويقضون نهارَهُم في النومِ وتضييعِ الصلواتِ، وإهدارِ الأوقاتِ، ويستدلوا على جوازِ فعلِهِم بقولِهِ: “نومُ الصائمِ عبادةٌ!!” باللهِ عليكُم أيكونُ تضييعُ الصلواتِ عبادةٌ، كيف انقلبتْ الموازينُ؟ باللهِ عليكُم هل شرعَ اللهُ الصومَ للنومِ والكسلِ والخمولِ ؟ لا وربِّ الكعبةِ رمضانُ نفحةٌ مِن نفحاتِ الرحمنِ، رمضانُ فرصةٌ للطاعاتِ والعباداتِ، رمضانُ فرصةٌ للعملِ والجدِّ والإتقانِ، فالإسلامُ دينُ العملِ والاجتهادِ، دينُ النشاطِ والحيويةِ، دينُ الريادةِ والعطاءِ، دينُ السعيِ في الأرضِ بحثًا عن الرزقِ وطلبًا للحلالِ ليس دينَ الكسلِ والخمولِ خاصةً في رمضانَ، قالَ ربُّنَا :﴿ وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾(التوبة:105) ؛ والمسلمُ ما خُلِقَ ليكونَ عالةً، ولا ليكونَ نكرةً في الحياةِ، ولا ليكونَ عطَّالاً بطالاً، بل خُلقَ للعبادةِ والعملِ، خُلقَ للإنتاجِ والإنجازِ خُلقَ للسعيِ والعطاءِ، قالُ اللهُ في حقِّ المسلمِ))وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِين(((فصلت: 33).المسلمُ هو العابدُ في مسجدهِ، والتاجرُ في سوقهِ، والبنّاءُ في أرضهِ، والمزارعُ في بستانهِ، يملأُ الأرضَ عبادةً للهِ وعمارةً لأرضهِ، فهو كالغيثِ حيثمَا وقعَ نفع، يعملُ لأخرتهِ كأنَّهُ سيموتُ غدًا، ويعملُ لدنياهُ كأنَّهُ يعيشُ أبدًا، والعملُ شرفٌ، والعملُ سرُّ البقاءِ وروحُ النماءِ وأساسُ البناءِ قالَ جلَّ وعلا: ((هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ))(الملك: 15) . والعملُ في الدنيا عبادةٌ وطاعةٌ للهِ جلَّ وعلا، لذا أمرَ اللهُ بهِ عبادَهُ المرسلين، ومدحَهُم بهِ فقالَ في محكمِ التنزيلِ:((وَاذْكُرْ عِبَادَنَا إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ أُولِي الْأَيْدِي وَالْأَبْصَارِ))(ص: 45). والعملُ في الإسلامِ لهُ مكانةٌ كبيرةٌ ومنزلةٌ رفيعةٌ، وكيف لا؟ به يُنالُ الأجرُ والثوابُ، وهو عبادةٌ عظيمةٌ للهِ وامتثالٌ لأمرهِ، عن طريقهِ تقومُ الحياةُ، وتُعمرُ الديارُ، وتزدهرُ الأوطانُ، ويحدثُ الاستقرارُ، أمرَ بهِ سبحانَهُ وتعالى فقالَ:{فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِن فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيراً لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [الجمعة: 10] ، وكيف لا؟ والإسلامُ ينظرُ إليهِ نظرةَ احترامٍ وتكريمٍ وإجلالٍ، لذا قرَنَ اللهُ العملَ بالجهادِ في قولهِ سبحانَهُ: ﴿ وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَآخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ﴾(المزمل: 20.( وكيف لا؟ والإسلامُ اعتَبَرَ العملَ جهادًا، فقد رُوِي أنَّ بعضَ الصحابةِ رأوا شابًّا قويًّا يُسرِعُ إلى عملهِ، فقالوا: لو كان هذا في سبيلِ اللهِ، فردَّ عليهم النبيُّ – صلَّى اللهُ عليه وسلَّم – كما رواه الطبرانيُّ في معجمهِ عن كعبِ بنِ عجرة قالَ مرَّ على النبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ رجلٌ فرأى أصحابُ النبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ من جلَدِه ونشاطِه فقالوا: يا رسولَ اللهِ لو كان هذا في سبيلِ اللهِ؟! فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: إنْ كان خرجَ يسعى على ولدِه صغارًا فهو في سبيلِ اللهِ وإن كان خرجَ يسعى على أبوينِ شيخينِ كبيرينِ فهو في سبيلِ اللهِ وإنْ كان خرجَ يسعى على نفسِهِ يعفُّها فهو في سبيلِ اللهِ وإنْ كان خرجَ يسعى رياءً ومفاخرةً فهو في سبيلِ الشيطانِ). وَقَدْ تَاجَرَ النَّبِيُّ ﷺ فِي مَالِ خَدِيجَةَ -كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ مِنْ سِيرَتِهِ ﷺ-، وَسُئِلَ ﷺ: أَكُنْتَ تَرْعَى الْغَنَمَ؟ قَالَ: ((وَهَلْ مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا وَقَدْ رَعَاهَا)) متفق عليه.
أيُّها السادةُ:إِنَّ الْإِسْلَامَ يَدْعُو الْمُؤْمِنِينَ إِلَى الْعَمَلِ، وَيَحُثُّهُمْ عَلَى السَّعْيِ وَالتَّكَسُّبِ، فَهُوَ دِينٌ يُؤَكِّدُ عَلَى الْحَرَكَةِ وَالْحَيَوِيَّةِ، وَيَذُمُّ الْكَسَلَ وَالْخُمُولَ وَالِاتِّكَالِيَّةَ، إِذْ لَا مَكَانَ فِيهِ لِلِاسْتِرْخَاءِ وَالْبَطَالَةِ، وَالِاعْتِمَادِ عَلَى الْآخَرِينَ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الِاسْتِغْنَاءِ عَنْهُمْ. فَالْإِسْلَامُ دِينُ عِبَادَةٍ وَعَمَلٍ، يَحُثُّ الْجَمِيعَ عَلَى الْإِنْتَاجِ وَالْإِبْدَاعِ، وَيَهِيبُ بِفِئَاتِ الْمُجْتَمَعِ كَافَّةً أَنْ تَنْهَضَ وَتَعْمَلَ بِإِتْقَانٍ، وَيَقُومَ كُلٌّ بِدَوْرِهِ الَّذِي أَقَامَهُ اللهُ فِيهِ؛ لِنَفْعِ الْأُمَّةِ وَإِفَادَتِهَا.
وَلَمْ يُحَدِّدْ الْإِسْلَامُ الْعَمَلَ فِي شَهْرٍ دُونَ آخَرَ، بَلْ حَثَّ عَلَيْهِ فِي الشُّهُورِ وَالْأَيَّامِ كُلِّهَا، وَلِذَلِكَ فَإِنَّ أُولَئِكَ الَّذِينَ يَنْظُرُونَ إِلَى الصِّيَامِ عَلَى أَنَّهُ مَظِنَّةٌ لِضَعْفِ قُوَى الْإِنْسَانِ وَخُمُولِ نَشَاطِهِ قَدْ أَخْطَؤُوا فِي تِلْكَ النَّظْرَةِ الْعَقِيمَةِ الَّتِي جَاءَتْ سَطْحِيَّةً دُونَ تَأَمُّلٍ وَلَا نَظْرَةٍ فَاحِصَةٍ!
وَلَنَا فِي رَسُولِنا ﷺ وَفِي صَحَابَتِهِ الْكِرَامِ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ- أَعْظَمُ قُدْوَةٍ وَخَيْرُ أُسْوَةٍ؛ فَلَمْ يُفَرِّقُوا فِي أَعْمَالِهِمْ بَيْنَ أَيَّامِ الصِّيَامِ وَغَيْرِهَا، بَلْ كَانَتْ حَيَاتُهُمْ كُلُّهَا جِدًّا وَاجْتِهَادًا، وَعَمَلًا وَحَيَوِيَّةً وَنَشَاطًا وأكبر دليل على هذا: المعاركُ الضخمةُ والِانْتِصَارَاتُ الْعَظِيمَةُ الَّتِي حَقَّقُوهَا فِي شَهْرِ رَمَضَانَ، وَتِلْكَ الْأَيَّامُ الْخَالِدَةُ الْمَشْهُودَةُ الَّتِي سَجَّلَ التَّارِيخُ فِيهَا عُلُوَّ رَايَةِ الْإِسْلَامِ وَارْتِفَاعَهَا خَفَّاقَةً تَشْهَدُ بِالنَّصْرِ الْمُؤَزَّرِ لِهَذَا الدِّينِ، وَدَحْضِ وَتَمْزِيقِ جُيُوشِ الْمُعَانِدِينَ الْجَاحِدِينَ. فَكَثِيرَةٌ هِيَ مَعَارِكُ الْعِزَّةِ الَّتِي وَقَعَتْ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ الْمُبَارَكِ، فَشَهْرُ رَمَضَانَ شَهْرُ الْفُتُوحَاتِ الْإِسْلَامِيَّة، شَهْرٌ لِقُوَّةِ الْإِيمَانِ وَعِزَّةِ الْمُسْلِمِينَ، شَهْرٌ لِلْقُوَّةِ وَالنَّشَاطِ، وَلَيْسَ لِلتَّكَاسُلِ وَالْخُمُولِ. ولا يمكنُ أنْ نتناسَى أنَّ المرءَ يثابُ على قدرِ المشقةِ، بمعنَى أنَّهُ كلمَا زادتْ المشقةُ كان الأجرُ أكبر، فمِن الضرورِي أنْ يعرفَ المسلمُ أنَّ رمضانَ لا يعنِي البطالةَ والتكاسلَ والتواكلَ بل مِن المفترضِ أنْ يكونَ شهرَ عطاءٍ.فالعبادةُ والعملُ في الإسلامِ صنوانٌ لا يفترقانِ وقيمتانِ متلازمتانِ ، فالعبادةُ عملٌ يسعَى بهِ المسلمُ إلى إرضاءِ ربِّهِ، وكذا العملُ عبادةٌ في غيرِ أوقاتِ العبادةِ. وللهِ درُّ القائلِ
بِقَدْرِ الْكَدِّ تُكْتَسَبُ المعَالِي *** ومَنْ طلبَ العُلا سَهرَ اللَّيالِي
ومَن طلبَ العُلا مِن غيرِ كَدٍّ *** أَضَاعَ العُمْرَ في طلبِ الْمُحَالِ
العنصر الثاني من خطبة الجمعة القادمة
ثانيــــًا : رمضانُ شهرُ الانتصاراتِ والفتوحاتِ .
أيُّها السادةُ : الناظرُ في التاريخِ الإسلامِي يجدُ عجبًا عجابًا سيجدُ شهرًا تحولتْ فيه الأمةُ مِن الضعفِ إلى القوةِ، ومِن الذلِّ إلى العزةِ، ومِن رعاةٍ للإبلِ إلى زعماءَ وقادةٍ للبشرِ، سيجدُ شهرًا ارتفعتْ فيه راياتُ المسلمين عاليةً خفاقةً على مرِّ العصورِ والأجيالِ، سيجدُ شهرَ رمضانَ شهرَ الانْتصاراتِ، انتصاراتٌ غيَّرتْ مجرى التاريخِ، انتصاراتٌ أَرْستْ دعائمَ الأمنِ والاستقرارِ فِي الأمةِ الإسلاميةِ، سيجدُ مَا مِنْ معركةٍ مِن المعاركِ، وما مِن غزوةٍ مِن الغزواتِ خاضَهَا المسلمونَ في هذا الشهرِ المباركِ، إِلّا ونصرَهُم اللهُ على أعدائِهِم، ولم تأتِ هذه الانتصاراتُ إلّا بعدَ أنْ تمسكُوا بشرعِ ربِّهِم القويمِ، وبكتابهِ الحكيمِ، وبسنةِ رسولهِ الكريمِ صلَّى اللهُ عليه وسلم.
ففي رمضانَ كانتْ غزوةُ بدرٍ الكبرى بقيادةِ الرسولِ الكريمِ صلَّى اللهُ عليه وسلم ففي السَّابعِ عَشَرَ مِن رمضانَ للسنةِ الثانيةِ مِن الهجرةِ كانتْ أولَ غزوةٍ في الإسلامِ غزوةِ الفرقانِ التي فرقتْ بينَ الكفرِ والإيمانِ بينَ الحقِّ والباطلِ قالَ ربُّنَا: ( وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ….( وأنتُم ماذَا؟ {وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌفَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [آل عمران: 123]. فلقدْ تغيرَ المسلمونَ تمامًا بعدَ موقعةِ بدرٍ، فبعدَ بدرٍ أصبحتْ للمسلمينَ دولةٌ معترفٌ بها، أصبحتْ لهم شوكةٌ قويةٌ ومكانةٌ رفيعةٌ ووضعٌ مستقرٌ، انتقلَ المسلمون إلى مرحلةٍ جديدةٍ، العالمُ كلُّهُ سمعَ عن هذه الدولةِ، المشركون رغمَ كثرتِهِم انهزمُوا، واليهودُ رعبُوا، والمنافقون ظهرّوا.
وتدورُ الأحداثُ ويأتِي رمضانُ في السنةِ الثامنةِ للهجرةِ كان الموعدُ مع حدثٍ مِن أهمِّ الأحداثِ التاريخيةِ، إنَّهُ فتحُ مكةَ المكرمةِ التي أحبَّهَا النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلم حبًا شديدًا بقيادتهِ صلَّى اللهُ عليه وسلم؛ فكان فتحًا مبينًا، ونصرًا عظيمًا ،وكان فتحُ مكةَ بدايةَ سيطرةِ الإسلامِ على الجزيرةِ العربيةِ بأكملِهَا، وانتهتْ أكبرُ قوةٍ مناوئةٍ لانتشارِ الإسلامِ بينَ العربِ.
ففي الشهرِ نفسِهِ يا سادةٌ بعثَ الرسولُ صلَّى اللهُ عليه وسلم خالدَ بنَ الوليدِ، ليهدمَ صنمَ العُزى، فهدمَهُ,وفي الشهرِ نفسِهِ بعثَ صلَّى اللهُ عليه وسلم عمرَو بنَ العاصِ ليهدمَ صنمَ سواعٍ، فهدمَهُ,وفي الشهرِ نفسهِ بعثَ صلَّى اللهُ عليه وسلم سعدَ بنَ زيدٍ ليهدمَ صنمَ منافٍ، فهدمَهُ...ما هذا؟ أمعقولٌ كلُّ هذا في شهرٍ واحدٍ؟ في شهرِ رمضانَ تقعُ كلُّ هذه الأصنامِ؟ إنّهُ شهرُ العزةِ والكرامةِ والنصرِ والفتحِ والقوةِ والغلبةِ للإسلامِ والمسلمين ..
وتدورُ الأحداثُ ففِي رمضانَ كانتْ معركةُ القادسيةِ بقيادةِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، وفِي رمضانَ فُتِحَتْ بِلادُ الْأَنْدَلُسِ عَلَى يَدِ طَارِقِ بْنِ زِيَادٍ، وفِي رمضانَ وَقَعَتْ مَعْرَكَةُ حِطِّينَ والتي اسْتَرَدَّ فيها المسلمون بَيْتَ المقدسِ، وفِي رمضانَ انتصرَ السلمون بقيادةِ سيفِ الدينِ قُطُز على التَّتَارِ في معركةِ عين جالوت ، وفي رمضانَ فُتحتْ الْقُسْطَنْطِينِيَّةُ على يدِ مُحمدٍ الفاتحِ.
وتدورُ الأحداثُ ففي العاشرِ مِن شهرِ رمضانَ المبارك سنةَ 1393 هـ السادسِ مِن أكتوبر سنةَ 1973 م كانتْ معركةُ العبورِ حيثُ عبرَتْ قواتُنَا المسلحةُ خطَّ بارليف ودمرتْ نقاطَ الدفاعِ الإسرائيليةِ وألحقتْ الهزيمةَ بالقواتِ الصهيونيةِ في ستِّ ساعاتٍ, وانتصرَ جنودُ الحقِّ على المحتلين الإسرائيليين، وارتفعت، راياتُ الحقِّ عاليةً خفاقةً وسجلَ التاريخُ هذه البطولاتِ والتضحياتِ لقواتِنَا المسلحةِ فضربُوا بدمائِهِم المثلَ في التضحيةِ والفداءِ لوطنِهِم .
فرمضانُ شهرُ الانتصاراتِ ،شهرُ عزةِ المسلمين،والذلةِ لأعداءِ الحقِّ أعداءِ الدينِ، فرمضانُ ليس شهرَ كسلٍ وخمولٍ ونومٍ إنَّما شهرُ جهادٍ وعبادةٍ، شهرُ عملٍ وإتقانٍ، شهرُ الخيرِ والبركاتِ، شهرُ النفحاتِ والرحماتِ، شهرُ المغفرةِ والرحماتِ. شهرُ العتقِ مِن النيرانِ . ..
أقولُ قولِي هذا واستغفرُ اللهَ العظيمَ لي ولكم
الخطبة الثانية الحمدُ للهِ ولا حمدَ إلَّا لهُ وبسمِ اللهِ ولا يستعانُ إِلّا بهِ وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَه وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ …………………… وبعدُ
العنصر الثالث من خطبة الجمعة القادمة
ثالثًا وأخيرًا: انتصاراتٌ هامةٌ في حياتِنَا في رمضانَ وغيرِهِ.
أيُّها السادةُ : هناكَ انتصاراتٌ مِن نوعٍ خاصٍ في شهرِ الانتصاراتِ لا يتسعُ الوقتُ لذكرِهَا منها على سبيلِ المثالِ لا الحصرِ:
الانتصارُ على النفسِ وشهواتِهَا ولذاتِهَا: نعمْ انتصرَ الإنسانُ في رمضانَ على شهوةِ الطعامِ والجماعِ بالنهارِ وابتعدَ عن الذنوبِ والمعاصِي والآثامِ فعن أبي هريرةَ –رضي اللهُ عنه–، عن النبيِّ –صلَّى اللهُ عليه وسلم–، قال: ((يقولُ اللهُ عزَّ وجلَّ: يدع شهوتَهُ وطعامَهُ مِن أجلِي)) متفقٌ عليه أليسَ نبيُّ الإسلامِ صلَّى اللهُ عليه وسلم هو القائلُ كما في البخارِي من حديثِ أبي هريرةَ رضى اللهُ عنه ((مَن لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ والعَمَلَ به، فليسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ في أنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وشَرَابَهُ)). أليسَ نبيُّ الإسلامِ صلَّى اللهُ عليه وسلم هو القائلُ كما في الصحيحين مِن حديثِ أبي هريرةَ رضى اللهُ عنه: ((الصيامُ جنةٌ فإذا كان يومُ صومِ أحدِكُم فلا يرفثْ ولا يصخبْ، فإنْ سابَّهُ أحدٌ أو قاتلَهُ، فليقلْ إنِّي امرؤٌ صائمٌ)).فالصيامُ مدرسةٌ لتهذيبِ النفسِ وتربيتِهَا ,ومدرسةٌ للتربيةِ على كلِّ خلقٍ طيبٍ وجميلٍ.
ومِن جملةِ هذه الانتصاراتِ التي ينبغِي للمسلمِ السعيُ في تحصيلِهَا في شهرِ رمضانَ:- الانتصارُ على الرياءِ فرمضانُ شهرُ الإخلاصِ بلا منازعٍ، وقد توفرتْ كلُّ عواملِ النجاحِ للمؤمنِ فيه على كلِّ دواعِي الرياءِ وأسبابهِ، وتنميةِ عنصرِ المراقبةِ والتجردِ للهِ عزَّ وجلَّ لديهِ، فامتناعُ الصائمِ عن الطعامِ والشرابِ والشهواتِ الماديةٍ والمعنويةِ طيلةَ يومهِ، استجابةً لأمرِ ربِّهِ هو عينُ الإخلاصِ، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَن قَامَ لَيلَةَ القَدرِ إِيمَانًا وِاحتِسَابًا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِهِ) متفقٌ عليه
الانتصارُ على الشهواتِ فرمضانُ تمرينٌ عمليٌّ للصائمِ على التغلبِ على شهواتِهِ المختلفةِ مِن شهوةِ البطنِ والفرجِ والنظرِ والسمعٍ والكلامِ والقلبِ والنفسِ وغيرِهَا، ومِن أعظمِ العباداتِ التي تعينُ المسلمَ على الانتصارِ على شهواتِهِ عبادةُ الصيامِ، عن عبدِ اللهِ بنِ مسعودٍ –رضي اللهُ عنه–، قال: قالَ لنا رسولُ اللهِ –صلَّى اللهُ عليه وسلم يا مَعْشَرَ الشَّبَابِ، مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمُ البَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ، ومَن لَمْ يَسْتَطِعْ فَعليه بالصَّوْمِ؛ فإنَّه له وِجَاءٌ(( متفق عليه. قال بعضُ السلفِ الصومُ يقمعُ الشهوةَ فيسهلُ الكفُّ عن الحرامِ.
الانتصارٌ على الشحِّ والبخلِ: إنَّ التخلصَ مِن داءِ الشحِّ والبخلِ، وتطهيرُ النفسِ منهما، والذي عدّهُ رسولُ اللهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلم- مِن المهلكاتِ، والمتسببِ في كثيرٍ مِن الموبقاتِ، عن جابرِ بنِ عبدِ اللهِ، أنَّ رسولَ اللهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلم-، قال:((واتَّقُوا الشُّحَّ، فإنَّ الشُّحَّ أهْلَكَ مَن كانَ قَبْلَكُمْ، حَمَلَهُمْ علَى أنْ سَفَكُوا دِماءَهُمْ واسْتَحَلُّوا مَحارِمَهُمْ)) رواه مسلم . فالصيامُ مدرسةٌ يتعودُ فيها العبدُ على السخاءِ، وإطلاقِ اليدِ بالعطاءِ، ويتعمقُ لديهِ الشعورُ بمعاناةِ المحرومين. وسُئِلَ بعضُ السلفِ: لمَ شُرعَ الصيامٌ؟ قال: ليذوقَ الغنيُّ طعمَ الجوعِ فلا ينسَى الجائعَ.
الانتصارُ على اللسانِ وآفاتهِ: فالصيامُ ياسادةٌ لم يُشرعْ لمجردِ تركِ الأكلِ والشربِ والشهوةِ وإنَّما شُرعَ مِن أجلِ تحقيقِ تقوى اللهِ بتركِ الكذبِ والفحشِ والبذاءةِ وحفظِ اللسانِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ الصِّيَامَ لَيْسَ مِنَ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ فَقَطْ، إِنَّمَا الصِّيَامُ مِنَ اللَّغْوِ وَالرَّفَثِ، فَإِنْ سَابَّكَ أَحَدٌ، أَوْ جَهِلَ عَلَيْكَ، فَقُلْ: إِنِّي صَائِمٌ» وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالعَمَلَ بِهِ وَالجَهْلَ، فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ)) متفق عليه.
قال ابنُ القيمِ: إنَّ العبدَ ليأتِي يومَ القيامةِ بحسناتٍ أمثالِ الجبالِ، فيجدُ لسانَهُ قد هدمَهَا عليه كلَّهَا، ويأتِي بسيئاتٍ أمثالِ الجبالِ فيجدُ لسانَهُ قد هدمَهَا مِن كثرةِ ذكرِ اللهِ. قالَ بعضُ السلفِ: أهونُ الصيامِ تركُ الشرابِ والطعامِ.
-الانتصارُ على الصحبةِ السيئةِ: أقبلَ رمضانُ شهرُ الهدايةِ والغفرانِ. . . . . وآنَ الأوانُ لمَن التفَّ حولَهُ قرناءُ السوءِ وشياطينَ الإنسِ طوالَ العامِ وحالُوا بينَهُ وبينَ طاعةِ ربِّهِ وأوقعُوه في كلِّ رذيلةٍ، وحرمُوه مِن كلِّ فضيلةٍ، أنْ يفرَّ إلى ربِّهِ ويلجأَ إلى الحصنِ الحصينِ والركنِ القويِّ المتينِ، وداعِي ربِّ العالمين يهتفُ: ( يا باغِيَ الخيرِ أقبلْ ) فاستجبْ لداعِي ربِّكَ ولا تتأخرْ ولا تلتفتْ إلى أصحابِ السوءِ فإنَّهُم إنْ لم يعوقُوكَ عن سيرِكَ إلى اللهِ يوقفُوك ويعطلُوك { فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ} [الذاريات: 50] وتذكر دائما قول الله تعالى: { الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ } (الزخرف: 67)فاللهَ اللهَ في الجدِّ والعملِ والعطاءِ، اللهَ اللهَ في محاربةِ النفسِ والشيطانِ، اللهَ اللهَ في الطاعةِ والعبادةِ.
فالبدارَ البدارَ قبلَ فواتِ الأوانِ باغتنامِ أيامِ الرحماتِ أيامِ النفحاتِ أيامِ العتقِ مِن النيرانِ بالطاعاتِ والقراباتِ وبحسنِ الأخلاقِ والإحسانِ إلى الناسِ في كلِّ مكانٍ. فالبدارَ البدارَ بالجدِّ والعملِ والبعدِ عن الكسلِ والخمولِ لرفعةِ دولتِنَا ورفعِ رايتِهَا في كلِّ مكانٍ.
نسألُ اللهَ العظيمَ ربّ العرشِ العظيمِ أنْ يتقبلَ منَّا صيامَنَا وقيامَنَا وصلاتَنَا وزكاتَنَا وأنْ يحفظَ مِصْرَنَا مِن كلِّ سوءٍ وشرٍّ إنَّهُ ولىُّ ذلك ومولاه…
كتبه العبد الفقير إلى عفو ربه
د/ محمد حرز
إمام بوزارة الأوقاف
_______________________________
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة باللغات
للإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع و خطبة الجمعة القادمة
للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف